الرئيسيةUncategorizedفوائد حديثية
Uncategorized

فوائد حديثية

فوائد حديثية (1)

بقلم: م. علاء سميح الأعرج

في مفهوم الصحّة (1):
أقدم لهذه الفوائد (التي يجب أن تكون مختصرة) بمقدمة لا بد منها، مدارها على تعريف الحديث الصحيح، وستدور معنا هذه المقدمة أينما درنا، أقصد منها لعدة أمور، أهمها:
أولاً: بيان منهجية تعامل أهل الحديث مع الصحيح، والحكم عليه، وهي منهجية منقطعة النظير، يظهر جزء يسير منها معنا الآن، ويظهر الكثير منها مع تتابع الفوائد إن شاء الله.
ثانياً: تحقيق واجب، وهو واجب المعرفة في علوم الحديث، بما يكفي جزئياً للذب عن رسول الله وسنته وأهلها، في زمن كثر فيه من يتحدث فيما يعرف وما لا يعرف، ومنطلق دخولنا لهذا العلم الشريف معرفتنا بمقصود أهله من الصحيح، وعليه فإنني أعتبر أن ما يلي من سطور يجب أن يكون في خلد كل من يتكلم في الحديث، أو يستمع لمن يتكلم عنه.
……………….
الحديث الصحيح عند أهل الحديث هو:
“ما اتصل إسناده برواية العدل تام الضبط عن مثله من أول السند إلى منتهاه، من غير علة ولا شذوذ”.
ويقصدون من هذا التعريف إلى خمسة شروط رئيسية يجب توافرها ليكون الحديث صحيحاً، وهي:
1- الاتصال، وهو غياب الانقطاع، بحيث يسمع كل رجل في السلسلة من سابقه، أو يتصل به بأي من طرق التحمل والأداء المعروفة.
2- عدالة الراوي: وهناك عدالتان:
عدالة الرواية: وهي أمان كذب الراوي على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعدالة السلوك: وهي اجتناب الكبائر، وتجنب الصغائر ما أمكن، وكذا خوارم المروءة.
ولعل أهل الحديث يقصدون عدالة الرواية من غير خرق صارخ لعدالة السلوك.
3- تمام الضبط، وهو الحفظ المتقن، أو ضبط الكتاب التام لمن يحدث من كتابه. فإن خف الضبط نزل الحديث عن رتبة الصحيح.
4- خلو الحديث سنداً ومتنا من العلة، والعلة: وصف خفي قادح يقدح في صحة الحديث، الظاهر السلامة منه. وهو أدق وأصعب مبحث في علوم الحديث.
يقول كبير علم العلل، علي بن المديني: رب حديث رويته، اطلعت على علته بعد أربعين سنة من روايته!
ولسعة هذا المبحث أمثل له بمثال واحد: وهو الإدراج: ومعناه أن يدرج راوي الحديث فيه ما ليس منه سنداً أو متناً.
مثال: روى الإمام البخاري حديث: “لِلْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ الصَّالِحِ أَجْرَانِ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْحَجُّ وَبِرُّ أُمِّي لأَحْبَبْتُ أَنْ أَمُوتَ وَأَنَا مَمْلُوكٌ”
كذا رواه البخاري رضي الله عنه. وقولة: “وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْحَجُّ وَبِرُّ أُمِّي لأَحْبَبْتُ أَنْ أَمُوتَ وَأَنَا مَمْلُوكٌ” من كلام أبي هريرة راوي الحديث تعقيباً على الحديث، نقلها الراوي عنه خطأً على أنها من الحديث.
تظهر العلة في الحديث هنا بشواهد ثلاثة:
الأول: عدم لياقة هذا القول برسول الله.
الثاني: كون أمه توفيت وهو ابن 6 سنوات، فكيف يقول: بر أمي ؟!
الثالث: طرق الحديث الأخرى التي نسبت التعقيب لأبي هريرة.
5- خلو الحديث من الشذوذ، والشذوذ: مخالفة الثقة في روايته لرواية الثقات، في السند أو المتن، قال الشافعي رضي الله عن في الرسالة: ليس الشاذ من الحديث أن يروي الثقة ما لم يرو غيره، إنما الشاذ من الحديث أن يخالف الثقة ما رواه الثقات.
ومثاله في المتن (للاختصار): ما رواه مسلم من الحديث المصرح بنفي قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم للبسملة في الصلاة، فإنه بهذه الصيغة شاذ، يتعارض مع ما رواه مسلم وغيره من خلافها.
وباختصار: يجب أن تتوافر الشروط الخمسة، دون ما ينقضها، لكي يوصف الحديث بالصحة، فإن خرق أحدها أو أكثر نزل الحديث عن درجة الصحيح.
…………….
لاحظ أخي العزيز أننا نقلنا الأمثلة من كتب الحديث، وهو ما يشير إلى أن أهله لم يتناقلوا ما يشاع عنهم من تصحيحهم للصحيحين على عمىً، بل درسوا ما فيهما ونقدوا أحاديثهما، هما وكل كتب الحديث، واحداً واحداً، وهو ما سنكتب له فوائد مستقلة إن شاء الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *