الرئيسيةمقالاتطائرة رمضان توشك على الهبوط
مقالات

طائرة رمضان توشك على الهبوط

بقلم: علاء الزعاقيق

مِنْ كَرَمِ الله تعالى، أنّه جعل لنا سنّة التفاضل، بين الأنبياء والمخلوقات والأماكن والأزمان، فقال عن الأنبياء: ” تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض ” وعن المخلوقات: ” ونفضل بعضها على بعضٍ في الأُكُل ” وعن الأماكن: ” أولم نُمَكِنْ لهم حَرَماً آمنا ” وعن الأزمان: جاء التفضيل في الأشهر والأيام والليالي، فكان رمضان خير شهور العام، وكانت العشر الأواخر من رمضان، أفضل أيام هذا الشهر، وجُعِلَتْ ليلة القدر هي الليلة المفضلة والتي تفوق سائر الليالي. فلا أدري كيف يغفل المسلمون عن هذه الليالي العظيمة؟!!! فقد كان يعطيها النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أهمية عظيمة، حيث الجدّ والإجتهاد، والهمة والإرادة، والسهر والتعب، والدموع والخشوع، والإعتكاف والعزلة، فكان إذا دخل عليه العشر ” شدّ مئزره، وأيقظ أهله، وأحيا ليله ” لماذا؟!!! لأنّ العشر الأواخر هي المحطة الأخيرة التي يقف عندها قطار رمضان، والشاطئ الآمن الذي يستقرّ عنده قارب الصيام، والمطار الواسع الذي تهبط فيه طائرة الصيام والقيام والذكر والقرآن، بعد أنْ حلّقت في سماء رمضان الرّحب، وها هي ترسل لنا اشعاراً بأنّ رحلتها قد اقتربت على النهاية، كي يكون مطار الريّان مهيّأً للاستقبال، ومتزيّناً بزينةِ القبول والفرحة، فهي أيام الحصاد لما زرعه المسلم في ثلث رمضان الأول، وسقاه في ثلثه الثاني، حيث تتحقق معاني العبودية والشكر لله تعالى، فلقد أشفقت أم المؤمنين عائشة ( رضي الله عنها ) على زوجها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حينما رأته يقوم الليل حتى تتفطر قدماه، فقالت له: هوّن عليك يا رسول الله، فلقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فيجيبها العبد الشاكر لله: مَهْ يا عائشة!!! أفلا أكون عبداً شكوراً؟!!! وقد كان يعتكف العشر الأواخر، شادّاً مئزره ومعتزلاً ملذّات الحياة وشهواتها، حتى أنّه ما عادَ فيها مريضاً قطّ، ولا شارك بتشييع جنازة، بسبب انشغاله بالإعتكاف، متحرّياً ليلة القدر التي زانها الرحمن وجمّلها، والتي يُفرَقُ فيها كلّ أمرٍ حكيم، وتفوقُ ألف شهر من العبادة والأعمال الصالحة، مكفّرةً ما تقدّم من ذنْب الخلائق، مَنْ حُرمَها فقد حُرم الخير كله، مُذكّراً جُموعَ المسلمين، بالدعاء الجميل الرائع: ” اللهم إنّك عفوّ تحبّ العفو فاعف عني ” إنْ أدركوا ليلة القدر. أخي الحبيب،،، أختي الفاضلة،،، إنّ عجلة الزمان التي تدور، قد لا ندور معها في العام القادم، وما على المسلم الفَطِن، إلّا أنْ يجعلَ لنفسه رصيداً عند الله، فإنْ قَصّرَ في بداية رمضان، فإنّه لن يُحرمَ الخير في آخره إنْ رجعَ وأناب، وشمّرَ عن ساعدِ الجدّ والطاعة، فيما تبقّى من أيام، لعله يكون من المقبولين، وإلّا فَرَغِمَ أنْفُه ثمّ رَغِمَ أنْفُه ثمّ رَغِمَ أنْفُه، مَنْ أدْركهُ هذا الشهر فلم يُغفر له. والحمد لله رب العالمين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *