الرئيسيةمقالاتلصيام شهر رمضان .. أسرارٌ ومعانٍ
مقالات

لصيام شهر رمضان .. أسرارٌ ومعانٍ

بقلم: نداء الدويك


شرع الله عز وجل صيام شهر رمضان .. وجعل سبحانه الأجر العظيم والثواب الجزيل لمن يُحسن العبادة فيه، إذ

هو شهر عبادة وتقرُّب إلى الله تعالى بمختلف أنواع العبادات والقربات .. وعلى رأسها الصيام والقيام وتلاوة القرآن والذكر والصدقات والبر والصلة والإحسان، فهو نفحة ربانية، ومنحة إلهية .
تجد المسلمين فيه يجدّون ويجتهدون في العبادة .. بمختلف أشكالها وصورها، ويمتنعون فيه عن المعاصي والآثام ما استطاعوا لذلك سبيلاً.. حتى بات لشهر رمضان قدسية عظيمة في القلوب .. وأضحى له أثر كبير في تهذيب النفوس.
والمتأمل في هذه الشعيرة..وما شرع الله عز وجل ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم فيها من طاعات وقربات وعبادات ليتبدى له أن وراء تشريعها أسرارٌ دقيقة ومعانٍ لطيفة وقيم مهمة.
وإن أولى هذه الأسرار والمعاني ” الإخلاص” فهو أول قيمة يتعلمها المرء في المدرسة الرمضانية، إذ الصيام قائم على إخلاص النية لله عزّ وجل، فالصائم يمتنع عن الطعام والشراب وسائر المفطرات -رغم توافرها بين يديه- مستشعرًا رقابة الله عزّ وجل، مستحضراً خشيته وتقواه وحده سبحانه، وهذا هو لب الإخلاص فصيامه لله ولأجل الله فقط. لذلك استحق الصيام مكانته الرفيعة عند رب العزة عز وجل ” كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به”.
كذلك فإن ما يتعلمه المسلم خلال الدورة التربوية الرمضانية ” الصبر” بمختلف أشكاله وأنواعه : فصبر على الجوع والعطش ، على طول القيام؛ على التلاوة الطويلة للقرآن الكريم، على الصدقة بالمال الوفير ، على الذكر الكثير ،على إحياء الليالي ، على التفنن ببر الوالديْن ، وصلة الأرحام والإحسان للجيران، على مساعدة الآخرين والمحتاجين ،فهو ( صبرٌ على الطاعة ) ، كذلك (الصبر عن المعصية) فيصبر الصائم عن هتك الأعراض، فلا غيبة لأحد، ولا نميمة، ولا غش ولا كذب أو شهادة زور … لا اعتداء على أموال الناس بالباطل .. لأنه يخشى أن يكون : ” رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش”.
وأيضًا ( فالصبر على أذى الآخرين وإساءتهم ) يحتمل كل ذلك منهم استجابة للتوجيه النبوي ” إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب فإن سابّه أحد أو شاتمه أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم” بل ويقابل الإساءة بالإحسان، والقطيعة بالوصل، والبغض بالتودد ..
ويقودنا صيام شهر رمضان لخلق رفيع آخر وهو “الإيثار” والخروج من دائرة الأنانية وحب الذات، إلى فضاء الإحساس بالآخرين .. بآلامهم .. بأحزانهم .. بعوزهم وحاجتهم، فيبادر الصائم إلى إدخال السرور على الجميع : صغارًا وكبارًا.. رجالًا نساءً .. أقارب وغرباء.. طاعةً للشارع الحنيف في الإكثار من الصدقات، حيث كان المصطفى عليه السلام جوادًا كريمًا، وكان أجود ما يكون في رمضان .. وأمر عليه السلام بصدقة الفطر ” أغنوهم عن السؤال يوم العيد ” ، وعدّ ” من أعظم الأعمال أجرًا سرورًا تدخله على مسلم” .
كذلك فإننا نتعلم درسًا مهمًا آخر في مدرسة رمضان التربوية، وهو ترك الخصومات والمشاحنات، بل والسعي إلى إصلاح ذات البين، لقوله عليه السلام : ” إصلاح ذات البين أعظم من أجر الصلاة والصيام والصدقة” .

ختامًا .. يا كل من تربى في المدرسة الرمضانية .. عليك بالمداومة على ما تربيت عليه خلال تلك الدورة التأهيلية .. من الإخلاص والصبر والإيثار وإصلاح ذات البين .. لتنطلق في المجتمع تبراسًا يهتدى به ، وأسوة يقتدى بها ، وتذكر أخي الصائم أن رب رمضان هو رب الشهور كلها .. فكن ربانيًا ولا تكن رمضانيًا، وتذكر أن الله عز وجل ما أمرنا بالإكثار من العبادة إلا لتكون العبادة عوناً لنا على التخلق بالأخلاق الحميدة والقيم الرشيدة ، فلنمتثل.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *