الرئيسيةمقالاتيا أُسَرَ المسلمين اجتمعوا
مقالات

يا أُسَرَ المسلمين اجتمعوا

بقلم: م.علاء الجعبري

يطل علينا كل عام شهر تفتح فيه أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب النيران، شياطينٌ مصفدة وأبدانٌ تُطْفَىءُ فيها نيران الحقد والغل وشرور الحياة، البعض أَسماه شهر التغيير حيث الفرص العظيمة بتصحيح الأَخطاء في كافة المجالات، تكلم الخبراء كثيرًا عن فوائد الصيام في مجال التغيير حيث يدرب الانسان إرادته على الصبر والتحمل مما ينعكس على إيمانه الداخلي بقدرته على التغيير، وأَعظم تغيير يمكن أن نعطيه الأولوية في هذا الشهر الكريم هو التغيير في مجال العلاقات الأُسرية حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “خيركم خيركم لأَهله”.

ما أجمل نداء الحب من المؤذن في كل يوم من أيام هذا الشهر الفضيل وهو ينادي للأُسَر على مستوى العالم الإسلامي “يا أُسَرَ المسلمين اجتمعوا”، ما أجمل تلك اللحظات التي تسبق أذان المغرب والأب والأم يجتمعون في المطبخ لتحضير وجبة الإفطار، يتبادلون الحديث والمهمات، يضيق ذرعها أحيانا بتدخله لتحيله إلى مهمة أُخرى بأن يعتني بطفلهم الصغير لتتمكن من تحضير الطعام، يذهب مع أَطفاله ليسكت جوعه ويقضي بعض الوقت في جولة أبوية لطيفة يشتري خلالها بعض العصائر والحلوى وحاجيات الأَطفال، يضيق ذرعه بالنصف ساعة التي قضاها مع أَطفاله ليتذكر هذا الجهد العظيم الذي تقدمه زوجته كل يوم وهي تعتني بأطفالهم، تلتف الأُسرة من جديد حول مائدة الإفطار لتعلن للعالم أن هذا الشهر هو شهر الإجتماع الأُسري والحب اللامحدود، ينتهي الإفطار وتسارع الأُسرة من جديد لتحضير نفسها للنزول لصلاة التراويح، تنتهي الصلاة لتتحول طريق العودة الى جسر جديد للتواصل الأُسري والتنزه والسرور.

عام كامل وأنت تقضيه تكافح لتحصيل لقمة العيش، لا تكاد تجد من وقتك يوما في الأُسبوع تجتمع فيه مع كامل الأُسرة في لحظة واحدة على مائدة واحدة، إنه شهر الخير والتعويض فلا تنسى أن تجعله شهرا للاجتماع الأُسري والحب اللامحدود ولا تسمح لأي شيء في الدنيا من أن يحرمك هذه اللذة.

ثم ما يلبث هذا الشهر من أن يقرع أُذنك بضرورة اجتماع الأُسرة الكبيرة، فتبدأ لحظات الحنين والعواطف بالظهور، لقد ذهبت بالأمس إلى وليمة ابن عمك ورأيت كيف اجتمع عنده كل إخوته وأخواته على مائدة الإفطار وأنت لا زلت في شقاق ونزاع مع أخيك أو أختك أو حتى أخٌ لك في الله،  شياطينك مصفدة وذكرياتك وإخوتك وأخواتك وأنتم أطفال تجتمعون على مائدة الإفطار لا زالت حاضرة في ذهنك، فلا تتردد بإصلاح ما أفسده الشيطان وبادر وتنازل وصالح وتصالح مع ذاتك ومع محيطك، بادر أن يكون شهر رمضان شهر للتغيير في العلاقات وإصلاح ما أفسده الدهر ولا تنسى أن لمة رمضان والعيد والأُسرة جميعها على قلب رجل واحد لا تعادلها فرحة أخرى مهما كانت.

هذا شهر عظيم لم يأمرنا الله بصيامه من أجل أن يختبر قدرتنا على تحمل ترك الطعام والشراب والشهوات، هو شهر الخيرات والبركات، شهر الحب والمودة وشهر لم الشمل واجتماع الأحباب، إن كان هناك نزاع بينك وبين زوجتك أو أحد أفراد أُسرتك أو أصدقائك فهذا شهر رمضان لا يفوتنك قبل أن تعيد القلوب الى صفائها وتنشر الحب والمودة لكل من يحيط بك.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *